Close

ماذا فعل طارق شوقي للنهوض بمنظومة التعليم المصرية في 4 سنوات؟ (تحليل)

التعليم في مصر

طارق شوقي

شهدت منظومة التعليم في مصر، خلال الأربع سنوات الماضية، وبالتحديد منذ تولي الدكتور طارق شوقي، منصب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، تطورًا كبيرًا.

فمنذ اللحظة الأولى لتولي الدكتور طارق شوقي هذه الحقيبة الوزارية الهامة، وبدأت حالة كبيرة من التغيير؛ وذلك لتحسين جودة التعليم في مصر.

وعند تقييم المستوى الذي وصل إليه التعليم في مصر، وتحليل السياسة التي انتهجها الوزير بعد مرور أكثر من أربع سنوات على توليه هذا المنصب، لابد في البداية من استعراض أبرز المشكلات التي كان يعاني منها هذا القطاع، والتحديات التي كانت تقف أمام حلها.

أبرز المشكلات التي عانى منها التعليم في مصر

واجه قطاع التعليم بمصر في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، العديد من المشكلات.

وكان يأتي على رأس هذه المشكلات المناهج القديمة، والتي كانت تعتمد بشكل أساسي على الحشو والحفظ وليس الفهم، وهو ما أثر بشكل سلبي للغاية على مستوى الطالب، وخاصة بعد تخرجه وانضمامه إلى سوق العمل.

أما ثاني هذه المشكلات، فتمثل في الكثافة العالية بالفصول المدرسية.

ووصلت الكثافة في بعض المدارس إلى 70 طالبًا في الفصل الواحد.

وعانت غالبية المدارس أيضًا من انخفاض نسبة جودتها من حيث المنشآت والبنية التحتية.

وأثر ذلك بشكل سلبي على المستوى التعليمي المقدم للطلاب.

كما شملت هذه المشكلات أيضًا انخفاض أعداد المدرسين مقابل ارتفاع أعداد الطلاب.

وتسبب ذلك في خلق فجوة كبيرة، أثرت بشكل سلبي على طرفي العملية التعليمية سواء كانوا المعلمين أو الطلاب.

أبرز التحديات التي واجهت عملية التطوير

أمام كل هذه المشكلات التي سبق ذكرها، كان لابد من وقفة جادة لحلها والنهوض بالتعليم.

ولكن هناك العديد من التحديات التي عرقلت حل هذه المشكلات.

وكان على رأس هذه التحديات الميزانية الضعيفة جدًا التي كانت مخصصة لقطاع التعليم، والتي لم تتعدى في العالم المالي 2009-2010 مبلغ 31.6 مليار جنيه فقط، شاملة كافة أوجه الأنفاق من أجور ومرتبات للعاملين وتطوير للبنية التحتية وغيرها.

وكان من بين التحديات التي واجهت أيضًا عملية التطوير وقتها، البنية التحتية الرقمية والتقنية المنعدمة، حيث كان الاعتماد على الوسائل التقنية والتكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية شبه منعدم، في الوقت الذي كان يتجه فيه العالم إلى تعميم استخدام هذه الوسائل في التعليم.

كما مثلت ومازالت تمثل الزيادة السكانية أيضًا عائقًا كبيرًا أمام عملية التطوير.

وتصل أعداد المنضمين إلى المنظومة التعليمية إلى 700 ألف كل عام، وهو رقم كفيل بالتهام ثمار التطوير في أي قطاع.

وبجانب هذه التحديات التي سبق سردها، كان هناك تحدي آخر لم يكن سهل التعامل معه، وهو مافيا الدروس الخصوصية، والتي توحشت بشكل كبير للغاية في السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.

كما تسببت هذه المشكلة في انخفاض جودة التعليم بشكل كبير، حتى أن المدارس أصبحت شبه خالية من الطلاب والمدرسين.

ومثلت منظومة الثانوية العامة القديمة تحديًا كبيرًا، وخاصة فيما يتعلق بنظرة الطلاب وأولياء الأمور لها، وارتفاع المجاميع بشكل خيالي يتجاوز الـ101%، بالإضافة إلى مشكلات التنسيق.

كما مثل أيضًا الغش سببًا رئيسيًا في انهيار المنظومة التعليمية.

ووصلت ممارسات الغش في السنوات الأخيرة إلى حد تسريب الامتحانات، وهو ما تسبب في انعدام مبدأ تكافؤ الفرص.

ماذا فعلت الحكومة الحالية للنهوض بالتعليم في آخر 4 سنوات؟

أمام كل هذه المشكلات لم يعد أمام الحكومة الحالية بشكل عام، والدكتور طارق شوقي بشكل خاص، سوى إيجاد حلول جذرية للقضاء على كل هذه المشكلات والنهوض بالمنظومة التعليمية.

ففيما يتعلق بالمشكلة الأولى الخاصة بالمناهج القديمة، وضعت الحكومة مشروعًا قوميًا لوضع مناهج جديدة، واعتماد طريقة حديثة للدراسة والتقييم والامتحانات.

كما تم البدء في اعتماد هذه الطريقة اعتبارًا من الحضانة، ووصلت حاليًا إلى الصف الرابع الابتدائي.

وأشاد العديد من المتخصصين والهيئات المحلية والدولية، بهذه المناهج الجديدة، والتي تم وضعها بشكل احترافي.

أما فيما يتعلق بالمشكلة الثانية الخاصة بالكثافة العالية في الفصول، فتبنت الحكومة خطة لبناء حوالي 15 ألف فصل سنويًا؛ وذلك لاستيعاب هذه الكثافة العالية.

كما تم التوجيه ببناء فصول تغطي كل قرية، وذلك في إطار مشروع حياة كريمة.

وشهدت السنوات القليلة الماضية تطوير لجودة المدارس والبنية التحتية والرقمية.

ولكن وللأسف مازالت الزيادة السكانية وما يترتب عليها من زيادة أعداد المنضمين حديثًا إلى المدارس أعلى بكثير من مما يتم إنجازه.

وفيما يتعلق بمشكلات المعلمين، فسعت الحكومة إلى تدريب الكوادر التعليمية، إلا أنه وللأسف كان هناك مقاومة شديدة من بعض المعلمين، ومحاولات لإفشال جهود النهوض بهم؛ بسبب احتياجهم الشديد لاستمرار الدروس الخصوصية.

ومازال هناك حتى الآن محاولات حثيثة من وزارة التربية والتعليم؛ لسد عجز المدرسين، وتحسين أوضاعهم المالية، وضخ دماء جديدة تواكب تطور المناهج والبنية التحتية الرقمية.

وكانت الزيادة الأخيرة في رواتب المعلمين في شهر يوليو الماضي، بمقدار 344 جنيهًا كحد أدنى و602 جنيه كحد أقصى.

وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة لحل مشكلات المعلمين، لكن هذه المشكلة من جهة نظري تحتاج إلى مشروع قومي لتخريج معلمين جدد، يواكبوا المنظومة والمناهج الجديدة، على أن يتم تحسين دخولهم وعمل تطوير لهيكل الأجور، مثلما يحدث مع الأطباء في منظومة التعليم الصحي الجديدة.

كيف تغلبت الحكومة على التحديات التي واجهت عملية تطوير التعليم في مصر؟

كما سبق وأن ذكرنا، واجهت عملية تطوير التعليم في مصر العديد من التحديات.

ونجحت الحكومة الحالية في التغلب على الكثير منها، ففيما يتعلق بميزانية التعليم، فتم رفع مخصصات قطاع التعليم إلى نحو 172.6 مليار جنيه، خلال العام المالي 2021-2022.

كما يذهب 85% من هذه الموازنة إلى المرتبات والأجور.

إذن فنحن بحاجة إلى حلول أخرى لزيادة هذه المخصصات وتوفير مصادر تمويل أخرى.

أما فيما يتعلق بالتحدي الخاص بالبنية الرقمية، فقد كانت جائحة كورونا بمثابة فرصة جيدة لتقبل الطلاب وأولياء الأمور للوسائل الحديثة التي أدخلها الدكتور طارق شوقي، والتي عمل على تطويرها منذ أن كان مسشارًا لرئيس الجمهورية، من خلال إقامة منصات إلكترونية تضم جميع عناصر المنظومة سواء كانوا طلاب أو معلمين أو أولياء أمور أو حتى إداريين، وكذلك أيضًا مصادر رقمية للمناهج والمذاكرة والمراجعة، بالإضافة إلى بنوك الأسئلة وغيرها من المصادر الأخرى، مثل القنوات التعليمية التي تم تطويرها بشكل كبير مؤخرًا.

وفيما يتعلق بالتحدي الخاص بالزيادة السكانية، والتي مازالت تمثل عائقًا كبيرًا أمام عملية التطوير، فالحكومة في حاجة إلى تبني مشروع لسد العجز الحالي في الميزانية، بحيث تكون قادرة على مواكبة هذه الزيادة.

كما حاولت الحكومة خلال السنوات الماضية أيضًا مواجهة مافيا الدروس الخصوصية.

ولكن جهود الحكومة في هذا الإطار كانت بلا فائدة؛ بسبب الثقافة التي ترسخت في أذهان الطلاب وأولياء الأمور.

ومن وجهة نظري، فإن حل هذه المشكلة يتطلب عمل رخصة يحصل عليها كل معلم يريد فتح مركز «سنتر تعليمي»، بحيث يدفع رسوم لهذه الرخصة السنوية، وتكون بمثابة مصدر لتمويل التعليم، مع ضرورة فرض رقابة على هذه المنظومة، لتصبح مثل مراكز تعليم اللغات والكورسات.

مواجهة التحديات الخاصة بالثانوية العامة

وفيما يتعلق بالتحديات الخاصة بمنظومة الثانوية العامة، فالحكومة بذلت مجهودًا كبيرًا في هذا الإطار.

كما وصلت الحكومة إلى نتائج جيدة للغاية، وهو ما ظهر واضحًا في نتائج الثانوية العامة الأخيرة.

فكما رأينا أصبح الطالب الذي يحصل على مجموع 82% بإمكانه الالتحاق بكلية الهندسة.

ومن المتوقع أن تسفر هذه الجهود عن القضاء على خوف ورهبة الطلاب وأولياء الأمور من الثانوية العامة.

وفيما يتعلق بأزمة التنسيق، فللأسف مازالت مستمرة، وفي حاجة إلى إيجاد حلول لها.

ملف التعليم الفني

وبالتوازي مع الجهود التي تبذلها الحكومة في ملف التعليم العام والأساسي، هناك جهود أيضًا حثيثة تُبذل في ملف التعليم الفني.

وتعهد طارق شوقي، بإحداث ثورة كبيرة في التعليم الفني، خلال الفترة المقبلة، وإعطائه البريق اللازم.

ولكن لابد لإنجاح هذه الجهود، من تغيير نظرة المصريين للتعليم الفني وأهميته.

فغالبية دول العالم المتقدمة تتعامل معه بشكل مختلف تمامًا عنا، حيث يأتي على رأس أولوياتها.

ملف المدارس الخاصة والدولية

تستوعب المدارس الخاصة والدولية في مصر أعدادًا كبيرة من الطلاب، وهو ما يتطلب إعطاءها اهتمامًا أكبر.

ويتطلب هذا الأمر إعداد دراسة منفصلة، وفرض المزيد من الرقابة والتنظيم على هذه المدارس.

مصادر تم الاعتماد عليها في إعداد هذا التحليل:

معدلات الكثافة بالفصول المدرسية في مصر عام 2010

ميزانية وزارة التربية والتعليم خلال العام المالي 2009-2010

أعداد المنضمين للمنظومة التعليمية كل عام

خطة الحكومة لحل مشكلة الكثافة العالية بالفصول

الزيادة الأخيرة في رواتب المعلمين

ميزانية وزارة التربية والتعليم خلال العام المالي 2021-2022

نتيجة تنسيق المرحلة الأولى للثانوية العامة 2021

خطة الحكومة للنهوض بملف التعليم الفني

تحليل: عاصم درويش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0 Comments
scroll to top